خلال
الأيام الماضية بدأ يتردد كثيرا فى الصحف أخبار عن الذهب.. والتحقيق فى
إستيلاء الرئيس السابق عن حصيلة إنتاج الذهب فى مصر.
ونشير
بادئ ذى بدء إلى أن المصرى القديم قام بإستخراج الذهب منذ أقدم العصور
وخلال هذه العصور كان يتم الإستخراج من خلال مائة وعشرون منجم تقريبا فى
مصر على فترات متقطعة حتى عصرنا الحالى حيث توقف الإنتاج تماما فى
الخمسينات قبل أن يعود مرة أخرى بواسطة شركة حمش مصر من منجم حمش والشركة
الفرعونية من منجم السكرى...وقد نهجت الدولة ذات الآليات التى يتم بها
التنقيب فى مجال البترول..... ويمكن تلخيص هذه الآليات القانونية... وبإيجاز شديد..... فيما يلى :
أولا :
تقوم الدولة من خلال الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية ( الهيئة
العامة للمساحة الجيولوجية سابقا ) الجهة المنوط بها قانونا تنظيم إستغلال
الثروة المعدنية ومنح تراخيص البحث وعقود إلإستغلال الخاصة بالمناجم بطرح
ماترى طرحه من مناجم الذهب
طبقا للدراسات التى تمت مسبقا فى مزايدة عالمية عامة بما يسمح لدخول
شركات أجنبية متخصصة فى هذا المجال وتقوم الشركات بسحب كراسات الشروط
والمواصفات والتقدم بعطاءاتها ويتم دراسة هذة العطاءات طبقا للأحكام التى
ينظمها قانون المناقصات والمزايدات رقم 89لسنة 98... ويتم البت وإختيار
أفضل العطاءات .
ثانيا :
بعد الترسية وسداد التأمين النهائى للمزايدة يتم عقد إجتماعات فيما بين
لجان تضم المسئولين من الهيئة والشركة التى رسا عليها العطاء للتشاور
والوصول إلى صيغة للإتفاقية المزمع إبرامها وبعد الوقوف على نص الإتفاقية
...يتم إرسالها إلى مجلس الدولة لمراجعتها قانونا .
ثالثا :
بعد مراجعة نص الإتفاقية من مجلس الدولة يتم إتخاذ اللازم حيال عرضها على
مجلس الشعب لإقرارها ثم تصدر بقانون وتسمى هذه الإتفاقيات إتفاقيات إلتزام
بقانون للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة له وإستغلالها فيما بين الشركة
القائمة بالبحث(المقاول) والهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية ووزير
البترول بصفته ممثلا للدولة.
وبمجرد
صدور الإتفاقية...تدخل الشركات فى مرحلة البحث عن الذهب والمعادن المصاحبة
له فى المساحة المحددة ووفقا لبنود الإتفاقية...هذه الإتفاقيات تكون مقسمة
قانونا إلى مرحلتين :
المرحلة الأولى ... وهى مرحلة البحث
هذه
المرحلة تبدأ بفترة بحث أولية مدتها سنة واحدة يمكن مدها إلى فترتين كلا
منها سنتان أو أربع فترات أخرى مدة كلا منها سنة وبحد أقصى أربع سنوات أو
خمس سنوات طبقا لما تم عليه الإتفاق فى بنود الإتفاقية فى هذه المرحلة تقوم
الشركة القائمة بالبحث (المقاول) الصادر لصالحها الإتفاقية بالبحث فى كامل المساحة طبقا لبرنامج البحث وألإستكشاف المقدم منها إلى الهيئة والمبالغ
المالية التى تقوم بإنفاقها طبقا لما هو محدد فى بنود الإتفاقية والذى
يراجع سنويا من قبل لجنة تسمى لجنة البحث الإستشارية المشكلة من أعضاء تضم
الشركة والهيئة والتى تكون مهمتها التحقق من تنفيذ بنود الإتفاقية فضلا على
خضوع الإنفاق للرقابة والمتابعة من الإدارة المختصة بالهيئة لأوجه الإنفاق
وإحتساب المصروفات مستنديا والتى يجب أن تكون متفقة تماما للإتفاقية فى كم
الإنفاق وكيفيتة وتلتزم الشركة القائمة بالبحث بتوفير كافة المبالغ
المالية اللازمة دون ثمة أعباء على الدولة أو الهيئة أو المطالبة بثمة حقوق
قبلهما فيما إذا لو لم يتحقق كشف تجارى بما يعنى وجود خام الذهب بكميات
تسمح بإستغلالها....وإذا تحقق الكشف وبدأت مرحلة الإنتاج تقوم بإسترداد
مصروفاتها من خلال الإنتاج وفقا للأسس التى تنظمها الإتفاقية.
ويحق
للشركة فى أى وقت طوال هذه المرحلة أن تقدم دراسة جدوى إقتصادية إلى
الهيئة بما يفيد وجود الخام بكميات تسمح بإستغلاله إقتصاديا فى أى مساحة
أظهرتها دراسة الجدوى وبعد الدراسة والإعتماد من الهيئة يمكن للشركة أن
تعلن عن الكشف التجارى فى المنطقة المحددة بدراسة الجدوى وتحول هذه المساحة
إلى عقد إستغلال من قبل السيد وزيرالبترول وتكوين شركة تسمى بشركة
العمليات مع إستمرارها فى عمليات البحث والإستكشاف إذا كانت مرحلة البحث
مازالت قائمة...وهنا نكون أمام فرضين... إما أن تنتهى مرحلة البحث دون أن تتوصل الشركة إلى إكتشاف تجارى وهنا تنتهى الإتفاقية بقوة القانون دون أن يكون للشركة مطالبة الهيئة أو الحكومة بأى مبالغ مالية إنفقت منها على مرحلة البحث مطلقا...أو
يترتب لها ثمة حقوق فى هذا الصدد.....الفرض الثانى والذى يعنى التوصل إلى
إكتشاف تجارى فى المنطقة التى أظهرتها دراسة الجدوى ...وهنا تبدأ المرحلة
الثانية من مراحل الإتفاقية.
المرحلة الثانية : وهى مرحلة الإستغلال.
هذة
المرحلة هى التى تعقب الإعلان عن الكشف التجارى وفيها تتحول المنطقة التى
أظهرتها دراسة الجدوى تلقائيا إلى عقد أو عقود إستغلال تحدد مدته من السيد
وزير البترول طبقا للإحتياطيات الواردة فى الدراسة...ويتم تكوين شركة
العمليات طبقا للملحق المرفق بالإتفاقية والمتفق علية عند إصدارها ...هذة
الشركة تكون شركة قطاع خاص تشكل من الهيئة والشركة القائمة بالبحث(
المقاول) يكون لها مجلس إدارة... الرئيس التنفيذى فيه من قبل الهيئة والعضو
المنتدب من قبل الشركة المقاول ...وهذه الشركة ماهى إلاوكيل عن الهيئة
والمقاول يتم من خلالها إستخراج وإستغلال وبيع الخام وذلك طبقا للبنود
المتفق عليها فى الإتفاقية ويتم إسترداد المصروفات الخاصة بالبحث
والمصروفات الخاصة بالإستغلال للمقاول وإقتسام الأرباح فيما بين الدولة
والمقاول من الإنتاج وفق أسس وقواعد منصوص عليها فى الإتفاقية أيضا والتى
تحدد وتنظم عملية البيع للخام المنتج طبقا للآسعار العالمية للذهب من خلال
لجان مشتركة وبحضور الهيئة وأعضاء من مجلس الدولة... فعملية الإنتاج
والإستخراج خاضعة تماما للرقابة والمتابعة المحكمة ويمكن للدولة الحصول
على حصتها عينا إذا رغبت فى ذلك وتخضع هذه الشركة لرقابة الجهاز المركزى
للمحاسبات.
والبين
من هذا النظام المتبع من قبل الدولة فى هذا المجال أنها تتجنب مسألة
الدخول فى مخاطر الإنفاق الباهظ فى مثل هذه المشروعات التى ليست محمودة
العواقب فى حالة عدم التوصل لدراسات جدوى لإنتاج للخام ...ولو تم التوصل
إلى مثل هذه الدراسة فإن عملية الإنتاج تمر بمراحل طويلة الأمد يتضع
مردودها الإقتصادى بعد فترة طويلة كما أن ذلك يتطلب مبالغ مالية قد
لاتستطيع الدولة تدبيرها بسهولة فى ظل الحالة الإقتصادية .
كما
أن ذلك يسمح بدخول شركات أجنبية لديها تقنيات حديثة فى هذا المجال
ومايستلزمه ذلك من تشغيل للعمالة المصرية وإستفادتها من برامج التدريب
الحديثة من خلال هذة الإتفاقيات التى تشترط ذلك أيضا ..وإن كنا نأمل تطور
أكبر لهذة الصناعة الهامة ومنح بعض التسهيلات التى تضمن جذب إستثمارات جادة
فى هذا المجال خاصة أن الدولة لاتتكبد ثمة أعباء مالية مطلقا طوال مراحل
البحث والإستغلال وأن سير الإتفاقيات خاضع لرقابة ومتابعة مستمرة من خلال
أجهزة الدولة....فلسنا أقل من دول كثيرة تقدمت فى هذا المجال .... والأمل
قائم فى أن نرى مائة وعشرون شركة لإستغلال مائة وعشرون منجم ذهب فى مصر.